الأمير عبد الهادي
عدد الرسائل : 25 تاريخ التسجيل : 18/05/2007
| موضوع: هل انت راضا" عن الرزاق الأحد يونيو 10, 2007 7:52 am | |
| الرضا
هل أنت راضٍ عن الرزاق؟ اعلموا أن عبادات الجوارح يتوقف ثوابها
بمجرد انتهائها، أما عبادات القلب فثوابها ممتد حتى في منامنا.
لماذا؟ لأن قلبك لو امتلأ بهذا المعني فهو مستمر معك طوال حياتك. هل
أنت راضٍ عن هذه الأرزاق: هل أنت راضٍ عن زوجتك؟ عن مكان سكنك؟ عن
أثاث بيتك؟ شكلك؟ هل أنت راضٍ عن وضعك المالي؟ عن وظيفتك؟ هل أنتِ
راضية عن تأخر زواج ابنتك؟ عن البطالة؟ هل أنت راضٍ عن الغربة عن
بلدك؟ هل أنت راضٍ عن حياتك؟ هل أنت راضٍ عن ربك؟
ما هو الرضا؟
تعريف الرضا: "الطموح والسعي للأفضل مع رضا القلب عن الحال".
بعض الناس يفهمون الرضا علي أنه توقف للسعي للرضا بالحال وهذا ليس
صحيحاً على الإطلاق. فللرضا لابد من السعي مع الرضاء بالحال. ببساطة
شديدة: نبينا كان يسعي لتحسين الوضع في المدينة مع رضاءه بالحال في مكة.
هل أنت راضٍ عن ملبسك أيها الشاب أم أنك في ضيق لأنك تريد أن تقلد
الشباب في ملبسهم الغالي ولا تستطيع؟ هل أنت راضٍ عن سيارتك المنهكة؟
عن مسكنك السيئ؟ هل أنت راضٍ أم لا؟ هل تشعر بمرارة في القلب؟
يقول الله تبارك وتعالي في حديث قدسي: ابن آدم خلقتك لعبادتي فلا
تلعب، وضمنت لك رزقك فلا تحزن، إن قل فلا تحزن، وإن كثر فلا تفرح، إن
أنت رضيت بما قسمته لك أرحت بدنك وعقلك وكنت عندي محمودا، وان لم
ترض بما قسمته لك أتعبت بدنك وعقلك وكنت عندي مذموما. لأسلطن عليك
الدنيا تركض فيها ركض الوحوش في الفلاة ثم لا يصيبك منها إلا ما كتبتُ لك.
ليس معنى هذا ألا نسعى، ولكن الاستمرار في عدم الرضا لا يـأتي بشئ سوي
المزيد من التعب. هناك كلمة جميلة جدا: أرح نفسك من الهم بعد
التدبير، فما قام به الله عنك لا تقم به أنت لنفسك! ألم تري كيف يرزق
الرزاق المخلوقات الضعيفة؟ أفلا يرزقك أنت وأنت الخليفة في الأرض؟
أفلا يرزقك وهو جعل الملائكة تسجد لأبوك؟ أفلا يرزقك وقد كرمك كل هذا
التكريم؟ اسع كما اتفقنا كسعي السيدة هاجر واترك الباقي لله، لا ترض
بالجلوس في المقاهي لقتل الوقت، اجعل الجلوس فيها للتخطيط
للمستقبل. أود أن أخاطب أصحاب المقاهي وأقول لهم شئ عظيم أن تجعلوا
مقاهيكم للتخطيط والتدبير بدلاً من إضاعه وقت الشباب دون فائدة، حتى
يرضي عنكم الرزاق. أرح نفسك من الهم بعد التدبير، فما قام به الله
عنك لا تقم به أنت لنفسك! يقول الله تبارك وتعالي في حديث قدسي آخر:
يابن آدم عندك ما يكفيك وأنت تطلب ما يضغيك ولو بسط الله الرزق
لعباده لبغوا في الأرض بغير الحق. لا بقليل تشبع ولا بكثير تقنع إن
أنت أصبحت معافا في بدنك، آمناً في سربك، وعندك قوت يومك فقل علي الدنيا العفاء.
إذا كنت تتمتع بالصحة وببيت خاص لك فأنت في نعمة محروم منها غيرك.
هناك أناس لا يعلمون أين سيعيشون بعد شهرين، هناك أناس لا يعلمون في
أي بلد يدخل أولادهم المدارس من كثرة تنقلهم في البلاد وعدم
استقرارهم. إذا كان لك بيت تدخله كل ليلة وتنام فيه فأنت في نعمة
كبيرة جداً. إذا كان عندك قوت يومك – يومك فقط – فأنت في نعمة. هناك
شباب يتأزم حين لا يجد صنف الجبن الذي يحبه مع وجود الكثير والكثير
من أصناف الأكل الأخر!
يقول النبي صلي الله عليه وسلم "لو كان لابن آدم وادياً من ذهب لتمنى
أن يكون له واديان ولن يملأ فم ابن آدم إلا التراب". يقول ابن
القيم "الرضا باب الله الأعظم ومستراح العاملين، وجنة الدنيا". لا تكف
عن السعي والرضا فهما متلازمان.
وقد قال الله" وعندك قوت يومك" ولم يقل قوت إسبوعك فنحن لا نعلم متي
نموت؟ أيضمن أحدنا أن يعيش للغد؟ نحن نعمل باليومية يا إخواننا!
يقول الله تعالي: " اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا والَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي
مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ ويُرْسِلُ الأُخْرَى إلَى أَجَلٍ مُّسْمًّى..." (الزمر: 42)
ينام الناس فتُرفع الأرواح إلي السماء، ثم يمسك الله الأرواح التي تمت
ويرسل الأخرى فنستيقظ. كيف ننام علي معصية ونحن نعمل باليومية؟!!!
إن أنت أصبحت معافاً في بدنك، آمناً في سربك، وعندك قوت يومك فقل على الدنيا العفاء.
حتى وإن لم يكن عندك قوت يومك فإرض بما كتبه الله لك.
يعلمنا النبي صلي الله عليه وسلم هذا المعنى فيقول: "ذاق طعم الإيمان
من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلي الله عليه وسلم نبيا ورسولا".
يقول النبي صلي الله عليه وسلم" من قال حين يصبح – أو يمسي – رضيت
بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولا وجب على الله أن يرضيه في هذا اليوم".
يقول النبي – صلي الله عليه وسلم - في حديث آخر: "من قال حين يسمع
الآذان رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلي الله عليه وسلم نبيا ورسولا غُفر له".
يحثنا الرسول على التدريب على الرضا. انظروا إلى أدعية
النبي: "اللهم رضني بقضائك حتى لا أحب تأخير ما عجلّتَ ولا تعجيل ما أخرتَ".
هل أنت راضٍ عن الرزاق؟ انظر إلى دعاء النبي: اللهم إني أسألك الرضا
بعد القضاء. لما قال النبي "بعد القضاء"؟ لأن الرضا قبل القضاء سهل
فالكل راضٍ قبل القضاء.
يقول العلماء: علامات الرضا ثلاث:
1. ترك الاختيار قبل القضاء بالاستخارة.
2. فقد المرارة عند القضاء.
3. دوام حب الله في القلب بعد القضاء.
بعض الناس تقلل عبادتها بعد وقوع المصيبة فيتوقف عن الصلاة مثلاً.
يقول الله تبارك وتعالي: " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإنْ أَصَابَهُ
خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ.." (الحج: 11). | |
|